تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!

ابدأ الآن

منى جان

حكاية منى mona_jan88@

هل سبق لكم أن عشتم في واقع غير واقعكم؟ هل شعرتم يوما بأن الأصوات والأفكار في عقولكم مزدحمة لا تكاد تجد مكان فيه، أم هل وجدتم أن عقولكم صاخبة أكثر من أي زحام؟ هذه أنا، لا أقدر على العيش من دون عوالم عقلي التي لا تنتهي، أشعر وكأن الصمت في عقلي هو حكم إعدام لي، إن القصص والأفكار بقدر جنونها هي الغذاء الذي عليه أحيى. ما زلت أذكر ما أيقظ هذا الجنون، -بدون ضحكات- لقد كانت مشاهدة " غريندايزر" لا أعلم لماذا أو كيف، لكنه كان المفتاح الذي حرك تروس عقلي، من حينها لم أتوقف يوما عن خلق عوالمي اللامتناهية، لتكن قصص حب، حروب، خلوقات أسطورية، لتكن كل شيء لا يمنحه لنا الواقع. كنت أعلم حبي للكتابة، لكني لم أعلم أن لدي القدرة حتى أردت أكتب رسالة وداع في إحدى القصص عقلي ثم كتبتها: بعيداً جداً... خلف النجوم... خلف الأرواح السابحة... بعيداً عند نهاية الماديات... هناك أنتظر... هنالك نلتقي... خلف أعين الكون... خلف أعين القدر... بعيداً أنتظرك... حيث تبدأ حياتنا مع نهايتها... حيث السعادة اللانهائية... حيث تهب الريح طويلا... ناثرة معها آمالي بعيداً... حينها علمت ما أنا قادرة عليه، ومن يومها وضعت قلما ودفترا في منضدتي الليلية، وحقائب سفري لأكتب كل كلمة واتتني، ثم أدع الأيام تبلورها وتخلق منها خواطر شعرية. أما بالنسبة لكتابة روايتي الأولى (هي...حلوة كالعسل) فقد كانت وليدة اللحظة، فيما كنت أتابع برنامج كوميدي ل (ترافور نواه) أفريقي الأصل يسخر فيه من العنصرية التي واجهها في أفريقيا الجنوبية حيث أنه بالرغم من كون جلده أسمر اللون عدا أنه كان يدعى بالملون من قبل سكان بلده الأفريقيين وذلك لأن لون جلده أفتح من لون باقي الأفريقيين. فواتتني الفكرة عن أن أكتب قصة عن فتاة من أم كينية وأب سعودي، تنتزع من بيئتها فتجد نفسها مع عائلة والدها في السعودية بعيدا عن والدتها و بلدها، حيث تواجه ديانة جديدة، لغة، عادات و تقاليد مختلفة تمام. في روايتي رغبت في إظهار أفكار أنا شخصياً أؤمن بها، كما أردت أن أرسخ فكرة الحب اللامشروط في العائلة حتى وأن لم نمتلك روابط دم تجمعنا. بالحديث عن الصعوبات التي واجهتني في اصدار الرواية فكانت في إيجاد دار نشر جيدة، والوقت. في بادئ الأمر كانت لدي اتفاقية لفظية من دور نشر (لن أذكر اسمها) على اصدار روايتي عند توفر خدمة التدقيق اللغوي والنحوي في الدار و تم اخباري أن الأمر يتطلب شهرا، ليتحول الشهر لأسابيع ثم صمت، أخيرا توجهت بغضب نحو الدار ليعتذروا عن قبول أي عمل الآن فقط لأن معرض جدة للكتاب على الأبواب. يا الله كم كانت رحلة توتر لا مثيل لها، لم أترك باب نشر لم أطرق بابها، في الحقيقة تم الموافقة على روايتي من كل دور النشر لكن الواقع المر هو الاستغلال لأقصى درجة، أعني هذا الكتاب هو حصيلة تعب وليالي، هو أحرفي وكلماتي التي لا أملك أغلى منها، قد أبدوا كمن يبالغ لكن لا مبالغة في طلب الاحترام الواجب للموهبة. " ستدفعين أنت مبلغ التخليص الجمركي للكتاب عنده شحنة من بيروت." قالت لي دار نشر " ألف نسخة من الكتاب تخزنينها أنت لديك ونأخذ منها نحن متى احتجنا، فلا مكان في مستودعاتنا" قالت لي أخرى " حسنا سنطبع لك ألف نسخة من الرواية بمبلغ ٥ ألاف ريال سعودي" كان هذا جواب دار نشر أخرى بعد إرسال نص الرواية بخمسة عشر دقيقة "حقا!" فكرت بنفسي " هل يقبلون أي عمل؟ أنا أعي أن معظم دور النشر تقبل أي نص يأتي لها، لكن ألا يتمتعون بقليل من النزاهة للاطلاع عليها على الأقل؟" أخيرا وبعد شهر مضني نفسيا أتاني الرد من مركز الأدب العربي "حمدا لك يا الله" و منذ ذلك اليوم بدأنا بالعمل على مدار الساعة للانتهاء من الرواية، ووضعت صبر أعز صديقاتي تحت الاختبار، المسكينة كانت ضحيتي لأجعلها ترسم غلاف روايتي، عدا أنه لا أحد أصدق لك و أوفى من صديق العمر، بالفعل أنجزت لي ما كنت أتخيله دون أن أفتح فمي بكلمة واحد ( الآن هي مصممة أغلفة كتبي الرسمية، إن كنت تقرئين هذا فلا مفر لك مني-أحبك-) عدا أني فقدت الأمل أن تصل روايتي لمعرض جدة للكتاب فلم أمنح الموافقة النهائية للطباعة إلا قبل معرض الكتاب بأسبوع. وفي ثاني يوم من بدأ معرض الكتاب وأنا في منزل صديقاتي، كنت أنظر للإنستقرام وفجأة ها هي صورة كتابي معروض في معرض الكتاب (سأتجاهل حقيقة عدم إخباري بالأمر) وأقول لدار النشر شكرا لكم من أعماق قلبي على خدمتكم لي، ونصائحكم التي قدمتموها لي أثناء المعرض، وشكرا لكل القلوب اللطيفة التي حظيت بشرف معرفتها هنالك. الآن أنا بصدد كتابة روايتي الثانية، أتمنى أن يصل صوتي لكل الحالمين مثلي، فلِكُلٍ صوت يمكن إيجاده عن طريق الفن سأترككم باقتباس من روايتي ما زلتُ هنا…ما زلتِ أنت… أنا أعلم الآن من تكونين … من ستظلين دائما… أتمنى أن تنسي…أن تغفري لي… بذات العينين البراقتين أنتِ تأتين… تسألينني عن ذاتي…عن المشاعر الدفينة… تكادِ تكونين أنتِ… ذلك الشيء الدفين داخلك… ذلك الذي سيولد مجدداً… ليعود لما سبق وكان… ما زلتٌ هنا…ما زلتِ أنت…