تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!

ابدأ الآن

31- مريم المدحوب

حكاية مريم .. yshussain@

ثمة طفلة تسكنني لم تزل تعشق الورق كثيرًا ، مُذ تعرّفت على تهئجة الحروف في محاولاتي الأولى و إلى اليوم ، مُستلبة بسحرها ، لم أزل أنصتُ لوحيها و تنصحتُ لي . في طريق عودتي من المدرسة كنتُ انعطف إلى  المكتبة كل يوم؛ لأجل المتعة مرّة، ولأجل الشراء مرّة أخرى.  انتظر الأربعاء لأحتفي بصدور مجلتي الأحب ( ماجد). لأقراء يوميات "كسلان جدًا" ومشاغبات "شمسة ودانة" والبحث عن فضولي الذي كان يمثل لي تحديًا لقوة الملاحظة وملاحقة المستور والمختبئ.  أذكر أني كنت في العاشرة حينما زرت المكتبة   و قمت بشراء (دفترًا بني اللون ماركة روكو) قررت فجأة أن أكتب فيه ، روايتي الأولى ، هكذا سال العنوان بداية ( منى و حب الخرفان )  و صرتُ بعدها أملأ الدفتر بالحكاية و أحداثها التي تدور في مخيلة فتاة العاشرة و أعيش حياة منى و شغفها و تَعيشني هي مرة بعد مرة . بعد ذلك صارت التجربة أكثر نُضجا حيث اتجهت إلى كتابة القصص القصيرة و اتخذت من جهاز الحاسوب وسيلة أكثر سلاسة في التدوين ، شاركت في بعض المجلات و المنتديات ، ثم أسست مجلة فتيات الالكترونية مأخوذة بجمال المبادرة و لذة التأسيس ، و كرّست ذلك في منتداي الخاص " النور الحسيني " و مجلتي الخاصة " زاهرة " . لكن هاجس الكتابة يبقى متعطشا ، ترويه رسائل التفاعل التي حظيت بها من قراء عدة ، يشاركوني حيواتهم و آلامهم و تجاربهم ، فومضت فكرة رواية شتاء الحب ، التي كتبتها لتُمثّل صرخات مكتومة تعتاشها شرائح عدة ، و لاقت رواجا فتح لي الباب للرواية التي تُمثّلني اليوم . لستُ أهرب من " شتاء الحب " رغم أني أعتقد أني تجاوزتها ، و ابتعدت عنها في تجارب روائية متتالية أكثر نُضجا ، لكن يبقى للرواية الأولى فضل المصباح للطريق . قادني جرح الحزن المتجدر في أعماقي للمزيد، للكتابة أكثر حول الفاجعة التي تسكنني، وتكفن الكلمة في فمي، تشلّ يدي، فالحدث فوق السرد وأدواته.  حين امتلأت بالحزن، قررت أن أعبر إلى بوابة الزمن، حيث أرض الحكايات، المتحررة من القيود التكوينية، والقوانين الفيزيائية. ففي عالم الورق كل شيء ممكن الحدوث. يمكن للجماد أن يتكلم، ويمتلك اللحم والدم والشعور. كان يمكنني أن أبث الروح في كل ما أشاء.  دخلتُ هذا العالم كنوع من التجريب. كنت خائفة من رؤية الدماء الطافية، والجثث الممثل بها، العيون المسمولة، والأعضاء المقطعات؛ فحملتُ دموعي ودستُ بقدميَّ أرض كربلاء.  فكانت رواية ( وليالٍ عشر). ولأن الجرح لما يندمل، فالكلمات تنزف وتتصير كتبًا يومًا بعد يوم. مريم المدحوب  21/5/2020