تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!

ابدأ الآن

شيماء الوطني

حكاية شيماء ... shaimaisaalwatani@

حين تتفتح عينيك على رفوف تزخر بالكتب ، ستجد نفسك حتماً مستلباً إليها ! كانت مكتبة والدي ووالدتي بسيطة الشكل لا تتعدى ثلاثة رفوف خشبية ، ولكن عليها تستند باقة من الكتب المميزة جنباً إلى جنب .. كتب وروايات لكبار الكتاب العرب والأجانب ، عناوين لافتة لم تكن الطفلة التي كنتها في ذلك الوقت تدرك قيمتها .. دكتور زيفاغو ،الأم ، مرتفعات وذرينغ ، البؤساء ، زقاق المدق ، لا أنام ، والكثير من العناوين الدينية . ومثلما كانت الأم شديدة التعلق بالقراءة والكتب ، أرادت أن تزرع في نفس طفلتها ذات الشغف والتعلق . الرحلة الأسبوعية إلى المكتبة الوطنية في الشارع الخلفي الموازي لشارع باب البحرين ، وكذلك الزيارات إلى معارض الكتاب حين تقام ، والعودة بأكياس محملة بالقصص الملونة والكتب العلمية ، مازالت تحتل ذاكرتي الطفولية . ومثلما زرعت الأم شغف القراءة في نفسي ، كان الأب هو الآخر يزرع شغف الكتابة في ذات الوقت . كلمات كثيرة يوردها على لسانه ويطلب مني صياغتها في جمل بسيطة ، يجلس بالساعات يراجع ما كتبته من قصص ، يناقشني في أحداثها ، يراجعها لغوياً ويصحح تعبيرها . وكانت الفرصة في مسابقات مركز سلمان الثقافي حيث يرافقني لأكتب قصة ما ، أو مقال . في المدرسة كانت حصة التعبير هي المفضلة لدي ،الحصة التي تكون فيها الأوراق ساحة للكلمات التي يسطرها قلمي مستمتعاً ! في البداية كان كل ما أكتبه رهين الدفاتر والأوراق ، قد يظهر في مجلة حائطية أو في مجلات بسيطة كنت أتفنن في إخراجها أثناء العطلات المدرسية . ولكن في مرحلة لاحقة وأثناء الدراسة الجامعية ، أخرجت الكلمات من مكمنها ، وبدأت أنشرها في الصحف والمجلات . لم تكن مسألة إصدار الكتب واردة في ذهني في تلك الفترة ؛ لأني كنت أجدها ومازلت مسئولية عظيمة تقع على عاتق الكاتب أولاً وأخيراً ، حتى أتى اليوم الذي سألني فيه طفلي خالد ذو الأربعة أعوام بعفوية : ماما ، ليش ما تكتبين كتاب ؟ في ٢٠١٢ وبعد خوض تجربة الكتابة في المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي قررت طباعة كتابي الأول ، عملت على جمع العبارات والشذرات التي كتبتها طوال أعوام وقدمتها لدار نشر ، ولكن تلى ذلك ظهور نتائج الفحوصات الطبية التي أثبتت إصابة والدي رحمه الله بالسرطان ، فأوقفت مشروع إصدار الكتاب ؛ وحينها عاتبني والدي رحمه الله على ذلك . بعد وفاة والدي وفيما كنت أعمل على كتابة روايتي ( المطمورة ) ، ظل إلحاح لكتابة سيرة والدي يرغمني على كتابتها ؛ خاصةً وأني كنت قد أجلته لوقت طويل ، فتوقفت عن كتابة الرواية ، وبدأت العمل على إصدار ( عيسى سيرة إبتسامة لا تنطفئ ) والذي ظهر للنور كأول إصدار لي عام ٢٠١٤م. الآن وبعد توالي إصداراتي وتلمس ردود الأفعال تجاهها - وهي ردود أفعال إيجابية ولله الحمد - ، لم يتغير الكثير في شخصيتي ، فكل من يعرفني يجد أن شخصية شيماء الإنسانية ، متمازجة مع شخصية الكاتبة شيماء ولا انفصال بين الشخصيتين . ربما ما تغير فقط هو أن الكتابة أصبحت بالنسبة لي أمر جدي يحتاج للتفرغ وأن أتعامل معه بطريقة أكثر حرفية وجدية ، وأصبحت الكتابة بالنسبة لي هاجساً أسعى إلى التميز فيه وتطوير أدواته على الدوام .