تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!

ابدأ الآن

عبدالعزيز الجاسم

حكاية عبدالعزيز .. azizaljasim@

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته . توقفت قليلاً قبل أن أبدأ بكتابة هذه الكلمات، توقفت لأتأمل كثيراً و أحاول استجماع قواي لأتحدث عن رحلةٍ ليست بالطويلة لكنها كانت مرهقةً جداً في الطباعة و النشر، بدأت مشوار الكتابة مبكراً حيث كانت تلك الرغبة تتنامى لدي منذ الصغر، كتبت و كتبت و احتفظت و مزّقت و أضعت كثيراً، بل سُرق مني الكثير الذي قد أراه منشوراً حتى اللحظة على الشبكة العنكبوتية تحت أسماء مستعارةٍ يصفق لهم الناس دون أن يعلموا بسرقتهم لنتاج غيرهم، قضية سرقة الأعمال تحديداً أشعلت داخلي الرغبة في توثيق ما أقوم بكتابته و طباعته على أوراق كتابٍ لا يمكن بحالٍ من الأحوال سرقته و نسبه للآخرين، و هنا كانت الخطوة الأولى التي قمت بها عام 2014 م بعد أن جمعت أوراق كتابي الأول "رسائلها إليه" في 297 صفحة، راسلت مجموعةً من دور النشر و أغلب أصحاب تلك الدور أجابوا بالرفض كونهم لا يعرفون من هو هذا الكاتب و ما القيمة المادية التي يمكنهم الحصول عليها من طباعة كتابه، فقدت الأمل تقريباً في نشر الكتاب عن طريق دار نشر فتوجهت للنادي الأدبي الذي يقوم بطباعة بواكير الأعمال كنوع من الدعم الثقافي و فوجئت بأن كتابي تحول للجنة قراءة استغرقت ما يزيد عن السنة و النصف كي تقرأ صفحاتي، عموماً؛ لم يأتني منهم أي ردٍ حتى اليوم، توجهت في تلك الفترة لوزارة الثقافة الإعلام و عرضت عليهم كتابي كي يصدروا لي فسحاً لطباعته، كان موظف الوزارة متعاوناً جداً حيث ساعدني على ملئ النماذج المطلوبة و شرح لي الآلية المتبعة للحصول على فسح للطباعة و كيفية استخراج الرقم الدولي المعياري و كذلك إيداع الكتاب في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض بعد طباعته لأحصل أخيراً على فسحٍ نهائي يخولني نشر الكتاب في حدود مكتبات دول الخليج العربي، استلمت الطبعة كاملة من المطبعة و بدأت رحلة التوزيع في المكتبات المحلية و الخليجية التي قطعت لأجلها المسافات كي أضع لديهم خمس أو عشر نسخ على الأكثر، كانت رحلةً صعبةً جداً و مرهقةً للغاية، حتى حان موعد معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2017م، هناك التقيت بمجموعةٍ من الكتاب بعد أن طلبت من إدارة المعرض المساهمة بكتابي في جناح المؤلف السعودي و هو جناح يقوم بنشر الكتب المطبوعة مباشرةً دون وجود دار نشر، و خلال توقيع الكتاب تعرفت على مجموعةٍ جميلةٍ من الكتاب نصحوني بالطباعة مع دار ملهمون للنشر و التوزيع، كنت في تلك الفترة أعمل على كتابة رواية "مقام عزيز" و لم أكن قد انتهيت من المسودة الأولى منها و التي استغرقت فترةً ليست باليسيرة بين إضافةٍ و حذفٍ و تصحيح و مراجعة للأحداث التاريخية و النفسية في بناء الشخصيات و ربطها ببعضها البعض، لقد كان العمل الروائي الأول لي من حيث عدد كلماته التي تجاوزت السبعين ألف مفردة؛ لذا كان لزاماً علي أن أراجعه جيداً قبل أن أرسله لدار النشر في الثلاثين من ديسمبر عام 2017 م، استغرق الأمر قرابة الشهر لأستلم ذلك البريد الالكتروني من الدار يعلموني فيه بموافقتهم على النشر شريطة أن أتحمل قيمة الطبعة الأولى كاملة، لم أناقش الدار أبداً في الجانب المادي حيث أنني أردت و بشدة أن أطبع كتابي معهم، الأمر الذي جعلني أنسى أننا في آخر موسم معارض الكتاب و أن طباعة كتابي سيكون بعد معرض الرياض و قبل معرض أبو ظبي، و مع ذلك وافقت على الطباعة بعد تحويل المبلغ و مراجعة النسخة الأخيرة معهم و كذلك الغلاف و متطلبات طباعة الكتاب، و طُبعت رواية "مقام عزيز" أخيراً لأضعها بين يدي و لأول مرة بعد شهرين من طباعتها، من هنا بدأت رحلة مشاركتي في معارض الكتاب بصورةٍ مختلفةٍ عن مشاركاتي السابقة كقارئٍ صامتٍ يحضر المعارض ليقتني الكتب و يمضي، هنا تحديداً بدأت أعرف فلاناً من الكتاب و فلانة من الكاتبات و أحرص على اقتناء كتبهم و الاطلاع عليها و تقييمها ذاتياً كما قمت بالتواصل مع كثيرٍ منهم قبل و أثناء كتابة عملي الروائي الثالث الذي عنونته باسم "العشرون من مايو"، كان الأمر أسهل بكثير في العمل الثالث الذي قابلَتْه دار النشر بالموافقة في فترةٍ أقل من تلك التي قضتها مع "مقام عزيز"، تواصلي أصبح أكثر شفافية مع إدارة الدار و نقاشي معهم كان على أعلى مستوى من الحرفية، و انطلقت "العشرون من مايو" بقوةٍ في معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2018 م ؛ المعرض الذي خرجت في اليوم الثامن منه و قد انتهت النسخ الأخيرة من الكتاب داخل المعرض، هنا تحديداً بدأت أتنفس بهدوءٍ بعد رحلةٍ طويلةٍ مع الكتاب الأول و الكتاب الثاني الذي لم يكن كثيرٌ من القراء يعرفون عنه شيئاً و كنت أراه قابعاً هناك على رف دار النشر في المعارض دون أن يلتفت إليه أحد، الآن و بعد نفاد كمية ليست بالقليلة من "مقام عزيز" بدأت الأسئلة توجه لي من أقطار متعددة تسأل عنه في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب، ثلاث تجارب فعلية خضتها بين طباعةٍ مباشرة دون دار نشر و طباعة لكتابين مع دار نشر خليجية استخلصت منها دروساً كبيرةً جداً جعلتني أتطلع لأهداف أوسع و أكبر من مكاني الحالي في الوسط الخليجي، و أتطلع للانتشار على المستوى العربي بتوفيق الله و مشيئته، واجهت عراقيل كثيرةً في هذه الرحلة قد يكون أهمها أنني لا أكتب لفئة اليافعين، هذا السبب قد يكون الأقوى الذي يجعل كثيرين من القراء يعزفون عن قراءة أعمالي التي نصحني تجار الورق أن أخفف من لغتي داخلها و أقدم نتاجاً يتقبله الجميع بسهولةٍ و سلاسةٍ لغوية قد تفتقر لأدنى أبجديات الكتابة، كنت قد رفضت هذا الأمر جملةً و تفصيلا و لا أزال عند موقفي هذا حيث أنني قطعت على نفسي عهداً ألا أقدم للناس نتاجاً لا يستهلك من عافيتي اللغوية و يقدم لهم رسائل تفيدهم كالتي بدأتها "السيدة لا أحد" في كتاب "رسائلها إليه" لتجعل من كل من يقرأ كلماتي إنساناً واسع المعرفة كما يصفه كتابي الأول باسم "السيد كل شيء"، لذا عكفت على كتابة عملٍ قد يرى النور في الفترة القادمة و التي أعد فيها القراء بصفحاتٍ سرديةٍ لا تحوي فراغاتٍ بين سطورها و كمٍّ من الكلمات التي تجعل لكل ورقةٍ من أوراق ذلك الكتاب قيمةً معنوية و فكرية قبل قيمتها المادية.. الرحلة في معارض الكتاب تفتح الأفق للكاتب تحديداً ليصنف من حوله و يطلع على فكرهم بصورةٍ دقيقةٍ قد لا ينتبه لها زائر المعرض القارئ؛ هناك يمكن أن تعرف الكاتب الحقيقي الذي يسعى لإيصال المعلومة و كذلك تعرف المسوّق البائع للورق دون وعي و لا إدراك لما كتب بين دفتي كل كتاب يتحدث عنه، هناك تحديداً حيث وقفت متفرجاً رافضاً لتصرفات كثيرين ممن يسمون أنفسهم أدباء و ما هم إلا مجموعةٌ من مرتزقة الورق و بائعي الحبر عليها، لقد كانت صدمتي بكثيرٍ منهم كبيرةً لكنها ليست أكبر من الدرس الذي تعلمته منهم و الذي جعلني أفكر ألف مرةٍ قبل أن أطلق كتاباً يقوم الناس بقراءته فيكون مغلوطاً أو غير مناسب للطرح، وصلت إلى قناعةٍ مفادها "إن لم أقدم ما يجعل القارئ يستفيد من صفحاتي فحري بي أن أمزق أوراقي و أكسر قلمي"، أعتذر للإطالة؛ وفقكم الله.. عبدالعزيز 20 أبريل 2020 م