تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!

ابدأ الآن

20- حنان القلاف

حكاية حنان .. h.h_alq@

بدايتي في الكتابة؟ لا اعتقد أن لكل كاتب بداية معينة في الكتابة.. فهو قد امتهن الكتابة منذ أن كان طفلاً صغير.. من قبل أن يتعلم الكتابة بعد.. يرتب مشاعره ويُصفف المواضيع ويتخيل ردة فعل مختلفة في كل مرة لكل موقف مرّ عليه في حياته.. أول يوم في المدرسة.. أول جرح نُزف منه.. أول مرة يذهب فيها إلى الملعب.. أول متنمر يصادفه.. أول حُب.. أول فقد... أول صفعة يتلقاها من الحياة.. فالكاتب يخط الكلمات ويرتب الجُمل ويُنسّق المشاعر في عقله منذ نعومة أظافره.لكن اعتقد أن بدايتي الرسمية في الكتابة كانت في اصداري الأول "زوايا الغموض".. والذي اعتز به جداً رغم الأخطاء المطبعية العديدة كونه كان أول تجربة لي في الكتابة الرسمية.قد لا يعلم الكاتب أنه كاتباً حقاً إلّا حينما يكون تحت وطأة كمية مشاعر مفاجأة تحُدها الظروف.. سواء كانت مشاعر فرح أو خوف أو حزن.. الخ. لذا فقد علمت أنني قد استطيع الوصول لمكانة الكاتب وإن كانت بعيدة في سنة ٢٠١٤.. تِلك السنة التي غيرت مجرى حياتي تماماً.. كتبت أهدافي في بداية عام ٢٠١٤.. غير عالمة أن ٢٠١٤ قد كتبت لي قدر آخر.. ففي شهر فبراير من تلك السنة مرض والدي مرضاً شديداً.. وهكذا اصبحت فجأة أمام مسؤوليات جديدة لم أعهدها من قبل كوني البنت الوحيدة التي لم تتزوج وتترك البيت.. بينما كان الشباب والفتيات في عمر الواحد والعشرون يخططون للذهاب إلى السينما أو المجمعات التجارية أو الأماكن الترفيهية.. كنت أنظم وقتي ما بين الذهاب إلى مركز التأمينات لدفع الأقساط التي يدفعها أبي عادةً.. ثم الذهاب إلى محل لوازم العائلة لإيجاد أداة أستطيع من خلالها اصلاح ماسورة الماء المكسورة في مطبخنا.. كما أن الوقت الذي كنت أقضيه في أروقة المستشفى لم يترك لي فرصة للراحة ابداً.. أخبروني بتقدم مرض والدي.. وأن الأمور ستسوء أكثر.. بدأت أشعر بفقدان السيطرة على حياتي.. لم أكن أتحكم في أي شيء يحدث لي.. القدر فحسب هو من كان يقرر كيف سأقضي بقية حياتي.. كنت أقضي الليالي وحيدة في المستشفى بعد أن ينام والدي.. وبما أنني أعمل في المستشفى ذاته الذي أُدخل فيه أبي.. فكنت أذهب إلى مكتبي أجلس وحيدة بعد منتصف الليل.. هذا هو الوقت الوحيد الذي كنت أملكه.. لا مراجعين في هذا الوقت.. ولا أعطال منزلية أفكر فيها.. ولا التزامات مالية.. ولا أطباء أبحث عنهم لأسألهم عن حالة والدي الصحية.. لا شيء.. فقط أنا مع أفكاري.. ولو لبضع ساعات حتى يأتي الفجر وتبدأ الحركة في المستشفى تدريجياً من مراجعين وأطباء ومرضى. هذا الوقت القصير هو ما أتاح لي الفرصة لأن أكتب.. أن أتحكم بمصير الشخصية التي أكتبها.. مثلما تتحكم بي الأقدار.. لقد فقدت السيطرة على كل شيء في حياتي.. لكنني حينما أكتب.. أشعر بأنني لا أزال أملك القوة مقابل الضعف الذي كنت فيه.. والشجاعة رغم الجُبن الذي أشعر به.. الكتابة لم تكن متنفس لي فقط.. بل هروب من الواقع الذي كنت أعيشه.. أن ارسم عالماً من مخيلتي.. عالماً خالياً من الألم.. من الحزن.. أنا من يقرر كيف تتوالى الأحداث فيه.وهذه هي قصتي مع الكتابة.. فالكتابة لم تكن هواية ابداً.. بل هي صديقتي التي آنستني في وحدتي بعد منتصف الليل.. ورفيقتي التي كانت تطبطب على جروحي.. ومتنفسي الذي أعطاني القوة والسيطرة على التحكم ولو لجزء في حياتي.