تم إنشاء هذا الموقع باستخدام منصة ويلت ﻹنشاء المواقع، قم بإنشاء موقع الويب الخاص بك مجانًا اليوم!
ابدأ الآن– عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية .. كنت أميل كثيراً لـقراءة الأشعار .. خاصة الأشعار الغزلية ، وكنت أتعمد الاحتفاظ بـالقصاصات الورقية لــكل مايعجبني ويحرك مشاعري من أبيات وقصائد يتم نشرها عبر الصحف والمجلات في دفتر خاص لـذلك ، ولم أكن وقتها أكترث لاسم الشاعر قدر ما يهمني احساسه المتمثّـل في انتقائه للكلمات . إلا أن السبب الرئيسي الذي شجعـني على كتابة أولى أبياتي الشعرية كان معلمة الجيولوجيا حيث علمت أن لها نفس الميول تجاه الشعر .. إضافة إلى أنها تكتبه ، لـذلك قررت تجربة الكتابة والاستعانة بـخبراتها في هذا المجال عوضاً عن مجرد القراءة والاكتفاء بـالمطالعة ... ، وإلى الآن أذكر أنها أُعجبت بـأبياتي الأولى ولكنني لا أنسى نقدها على وزن القافية يومها .. والذي لم أدرك معناه في بـداياتي ، لكنني لم أستفسر منها .. بل أخذت أبحث وأقرأ أكثر عن كل ما له علاقة بـالشعر وكيف يمكن لي أن أزن القافية حتى تتناسق أبيات قصائدي. ومن هنا بدأت أتقن كتابة الأشعار بـشكل أفضل حتى صار لي أسلوبي مع الوقت وكان مما ساعدني أيضاً على إتقان التعبير واستخدام المفردات اللغوية هو تميّـزي في كتابة المواضيع التعبيرية .. فـقد كنت المفضلة عند معلمة اللغة العربية وأكثر طالبة يتم الاستعانة بـمجهودها في حصة كتابة التعبير – وحقيقة كنت أستمتع جداً بـذلك إلى درجة أنني كنت أكتب واجب التعبير حتى لو لم يكن مطلوباً من مجموعتي .. وكلّـي ثقة بـأن معلمتي سوف تعرض موضوعي على زميلاتي بـالصف كي ينسخوه في دفاترهم ! أعلم أنه قد يلتمس البعض شيئاً من الاستعلاء والأنانية في تصرفاتي ، لكنها حتماً أنانية غير متعمدة .. والأهم أنها لا تضر أحداً . فـالعلوّ بـالذات أمرٌ مهمّ في بناء والارتقاء بــشخص الإنسان ... وأرى أنه أمر محمود لا بأس به ، فــلنفسك عليك حق الاعتناء بها وتطويرها . بعد تخرجي من المرحلة الثانوية ، أصبحت أفكر في إصدار كتاب يحمل اسمي وشيئاً من أبياتي الشعرية . لـذا قررت أن أجمع الشعر بـالرواية في كتاب واحد ... وكان لي ذلك . رغم أنني احتجت إلى ما يقارب خمس سنوات في كتابة روايتي الأولى ; كونها تجربة جديدة عليّ ولم أملك الكثير من الوقت في مرحلة الدراسة الجامعية ، كما أنني كنت فاقدة للتـشجيع والإلهام وقتها وأعاني ضغطاً وتوتراً بـسبب بعض المشاكل الأسرية التي انتهت بـانفصال والديّ . إلا أن انكبابي على قراءة بعض الروايات وإصراري واستمراري على التزوّد من المفردات اللغوية والأساليب الخيالية التي يتمتّـع بها أبرز الكتّـاب والشعراء – أمثال الأستاذة علياء الكاظمي والكاتب المخضرم سعود السنعوسي والشاعر الفذ سعد علوش – كان لها الدور الفعال في تحفيزي وإعادة النشاط بــمخيلتي كونها أساليب تمتاز بـالأسلوب السلس والمشوق .. وبـنفس الوقت تفردهم بـاختيارهم للمفردات القوية ، وكان ذلك يزيدني حماساً للكتابة بـذات الأسلوب وذات النهج .. حتى أصبحتُ شيئاً فـشيئاً أكمل كتابة روايتي وأطعّمها بـالأبيات الشعرية أو النثرية المناسبة ... إلى أن اكتملت أخيرا. بعدها بدأت بـمراسلة بعض دور النشر ذات الصيت العالي عبر الإيميل ، وتلقيت رداً من بعضها إلا أن البعض لم يعاود مراسلتي . فــطلبت مني دور النشر التي استجابت لـرسائلي أن أزودهم بــنص الرواية مطبوعاً ... ثم تلقيت رفضاً من البعض أو شروطاً لا تنصب في مصلحة الكاتب . لـهذا لم أتسرع في القبول وأبقيت روايتي .. حتى أنني صرت ألغي أو أضيف إليها بعض الفقرات وأستبدل منها بعض الأبيات، إلى أن سمعت ذات يوم من إحدى زميلات العمل أن ابنها ينوي إصدار كتاب ، فــأخذت اسألهم وأستفسر منهم عن دار النشر وشروطها وما إلى ذلك .. فــوعدني ابنها الكاتب المبتدئ أن يساعدني ويأخذ بـيدي في سبيل إصدار كتابي السنة التالية – لأن أغلب دور النشر قد توقفت عن استقبال أعمال الكتّـاب حينها .. وكان هو ينوي استبدال الدار بـدار ذات شروط أفضل حسب ما جعلوه يظن. لا أنكر أنه كان له الفضل بعد الله سبحانه أن رأت مولودتي النور وتجسدت في كتاب يحمل أقرب أبياتي الشعرية بين سطور أحداث الرواية المسرودة . كنت سعيدة جداً بـهذا الإنجاز البسيط ، وقد اهتممت كثيراً بـظهوره على أكمل وجه ، حتى أنني استعنت بـمصمم من خارج الدار كي أتميـّـز قدر المستطاع بـكتابي .. فــمصمم دار النشر التي شاركت معها لم يَـرقَ إلى ذائقتي ولم يقترب حتى من تجسيد فكرتي التي رغبت بها . ونعم كان هناك الكثير والكثير من العقبات التي اعترضت طريقي آنذاك ... فــدار النشر التي وقــّعت عقدي معها كانت جديدة على الساحة ، وكان من المفترض أن يكون هنالك الكثير من الجهد والعمل المبذول من قِـبَـلِهم .. لكنني لم ألحظ عملاً جادا معهم كما رأيت من بقيّـت دور النشر الأخرى في معرض الكتاب ! رسم صاحب الدار الكثير من الآمال وأعطى العديد من الوعود لي ولـزملائي الكتّـاب المشاركين معه ، إلا أنه حصلت مع دار النشر التي يملكها مشكلات عدة جاءت بـسبب تخلّـف شريكه عنه وتركه الدار .. لـهذا لم تحصل دار النشر على جناح خاص بها كي تعرض أعمالنا .. فــتم استضافت كـُتبنا مع دور نشر أخرى وكان في ذلك ظلم كبير لـمجهوداتنا الأدبية ، بـالإضافة إلى ذلك فـإن موضوع التسويق والذي يعد من أبرز الأمور التي من شأنها أن تسهم في تسليط الضوء على الكِتاب .. فـإن الدار التي تبنّـت أعمالنا لم تتمكن من توفير مسوقين فعليين للقيام بـعملهم ، لــذلك أصبح كل كاتب مسئولاً أمام إصداره كي يُـظهره بـالمظهر الذي يليق به ، فــكنا نتواجد بـشكل يومي تقريباً في معرض الكتاب الدولي بـالكويت .. كل منا يعمل على التسويق لــكتابه بــنفسه لأن صاحب الدار كان مشغولاً بــحل مشاكل الدار التي وقع بها . ورغم تلك العقبات إلا أنها كانت تجربة مميزة ومختلفة جداً لم يسبق لي أن مررت بـمثلها حيث ... كنت سعيدة بـكتابي الأول رغم حزني على عدم توفـّــقي بــاختيار دار النشر ، لكـنني لم أسمح لــذلك الخطأ غير المتعمّـد أن يُحكم قبضته عليّ ، بل على العكس فـإن وجود الأهل والأصدقاء بـجانبي زادني بهجة وسرور ، بل إن سعادة والدتي ومساندتها لي قد هوّنت بـعيني كل أمر كان قد تعاظم أمامي ... وقد عرفت من تلك التجربة الكمّ الهائل من الأشخاص الذين كانوا فرحين حقاً لأجلي ، حتى أن هنالك من لم تكن تهوى القراءة إلا أن معزتي بقـلبها أجـبرتها لـحضور معرض الكتاب واقـتناء مولودتي الأولى تشجيعاً منها لـجهدي . ولأنني كنت المسئولة عن تسويق كتابي .. فقد كنت أتعمد عرض منشورات وتصوير فيديوهات عبر صفحات الوسائل الاجتماعية الخاصة بي ، وكان من شأن ذلك أن يجمعني بــالعديد من أصدقاء الشاشة الذين أثبـتوا لي صدق احترامهم لــشخصي ، وحتى والدي الذي انشغل بـحياته وأسرته الجديدة .. زارني والفخر يكسوه بي . ورغم أنني لا أحبذ الخوض في تجربتي مع معرض الكتاب بـشكل أعمق ، فـهي كانت مزيجاً من المشاعر المختـلطة التي لا يسعني تفصيل كل منها .. لكـنني بـصورة عامة لست نادمة على أيّ خطوة كنت قد أقدمت عليها ... فـمن الخطأ تعلمت ومع الصواب تقدمت . ومن الطبيعي أن تكون هنالك صعوبات تواجه أيّ شخص يخوض مجالاً جديداً عليه، فــطريق النجاح ليس ممهداَ كما يظن الكثيرين .. وليس الجميع لديه واسطه تفتح له الأبواب على مصراعيها . لكن تجربتي تلك علّـمتني الكثير حقاً .. إلا أنها أبداً لم تغيرني .. بل ربما طورت شيئاً في فكري ، فــالمتعة الحقيقية تكمن في ارتياد الطريق وليس في القفز إلى نهايته ! لكنني إلى الآن ما زلت أرى نفسي مجرد فتاة تميل إلى كتابة مشاعرها وتوثيق أفكارها الخاصة ليس إلا ... ولا يمكنني اعتبار نفسي كاتبة بــالمعنى المخضرم لأنني ما أزال في أول الطريق وأمامي الكثير كي أتعلمه . ويبقى الهدف من الكتابة أولاً وأخيراً هو أن تحظى أفكارنا ومشاعرنا بـإعجاب القراء واستحسان ذائقتهم على أمل أن يخلد ذلك أثراً جيداً ينطبع أمداً في نفوسهم ...